سورة الإسراء - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21)} [الإسراء: 17/ 18- 20].
تصنّف هذه الآيات الناس صنفين، وتجعلهم فريقين: فريق يعمل للدنيا وحدها، وفريق يعمل للآخرة في الغالب، أما الفريق الأول أهل الدنيا العاجلة: فهم يقصرون جهدهم وعملهم على تحصيل ملذات الدنيا وشهواتها وينسون المستقبل والآخرة، ولا يؤمنون بها، فتكون النتيجة أن الله تعالى يعجل لمن يريد الدنيا مرادهم، ويعطي من أراد الله ما يشاء بحسب علمه وحكمته، أي إن العطاء بحسب مشيئة الله، لا بحسب محبة العبد، ولمن يشاء الله، لا لكل من أراد الدنيا، ثم يجعل الله جهنم لجميع من يريد العاجلة وهو كافر بالله وبالآخرة، سواء من أعطاه فيها ما يشاء، ومن حرمه، فأهل الدنيا لا يعطون كل ما يريدون، وإنما يعطون بعض ما يتمنون. ومن يحرم من نعيم الدنيا يجمع بين فقر الدنيا وفقر الآخرة. إنهم أي أهل الدنيا يصلون، أي يدخلون جهنم، مذمومين، أي ملومين، مدحورين، أي مطرودين من رحمة الله تعالى، فيكون عذابهم متصفا بصفات ثلاث: الدوام، والإذلال، والطرد من رحمة الله.
وأما الفريق الثاني: فهم المؤمنون الأتقياء أهل الآخرة، الذين يعملون لها ما استطاعوا من القرب والطاعات، وهم مؤمنون مصدّقون بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهؤلاء أهل الكمال المشكورون على طاعتهم المثابون على أعمالهم من ربهم، بسبب ملازمتهم أعمال الخير، والتزام حكم الشرع وطرقه. هذا هو قانون الجزاء الأخروي، أما الرزق في الدنيا فلا يرتبط بالإيمان أو الكفر، وإنما يرزق الله تبارك وتعالى في الدنيا مريدي الآخرة المؤمنين، ومريدي العاجلة الكافرين، ويمدهم بعطائه منها، وإنما يقع التفاضل والتباين في الآخرة، لأنها خير من الدنيا وأدوم وأخلد، أما الدنيا فهي فانية، ولا شأن لها عند الله تعالى، فيكون الرزق المادي فيها لجميع العباد، ولا يضيق رزق الله عن مؤمن ولا عن كافر، فلينظر الإنسان كيف يمدّ الله تعالى بعطائه الدنيوي كلا الفريقين: مريدي الدنيا ومريدي الآخرة، فيمنحهم الله المال والأولاد والصحة والشرف والجاه، والزينة والحظ، والعز في الدنيا، لأنّ الدنيا عند الله تعالى لا تساوي جناح بعوضة.
غير أن الرزق والعطاء الدنيوي متفاوت، متفاضل، يفضّل بعض الناس على بعض في الرزق والمتاع، فقد يعطي الله المال والثروة لكافر، ويمنعه عن كافر آخر، ويحجبه عن مؤمن، لحكمة بالغة، ومصلحة للعبد نفسه، كما قال الله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا} [الزخرف: 43/ 32]. أي ليخدم بعضهم بعضا، وقال الله سبحانه أيضا: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)} [الشورى: 42/ 27].
ثم أخبر الله تعالى أن التفضيل الأكبر والتفاوت الأعظم بين المؤمنين إنما يكون في الآخرة، فتكون الدرجات أكبر، والتباين أعظم، أخرج ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن قتادة قال: إن بين أعلى أهل الجنة درجة، وأسفلهم، كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها.
وكذلك التفاوت كبير بين أهل النار، فهم في دركات، بعضها أسفل من بعض، أي إن النار دركات، والجنة درجات، وفي الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين، كما بين السماء والأرض، قيل: وقد رضّى الله الجميع، فما يغبط أحد أحدا، ولا يتمنى عن ذلك بدلا. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
التوحيد وبر الوالدين:
يعلّمنا القرآن الكريم الأدب الجم، والوفاء للجميل ورد المعروف، وتقدير النعمة، فليس هناك للإنسان مصدر للنعمة سوى الله تعالى، فهو المتفضل المحسن، والوالدان بحكم عاطفتهما يبذلان أقصى ما في وسعهما لتربية الأولاد والحفاظ على حياتهم وصحتهم، وإمدادهم بكل ما يحتاجون، حتى إن الوالدين يفضلان مصلحة الولد على أنفسهما، فكان مقتضى هذا الإحسان والتضحية مقابلة الولد لوالديه بالبر ورد الجميل، والأدب والرعاية ولا سيما في سنّ الكبر والشيخوخة، أو المرض، أو الحاجة، قال الله تعالى قارنا بين الأمر بتوحيده وعبادته، وبر الوالدين:


{لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (22) وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً (25)} [الإسراء: 17/ 22- 25].
خاطب الله نبيه محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم باعتباره نبي الإنسانية بقوله: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ}.
والمراد: جميع الخلق، فلا تجعل أيها الإنسان المكلف شريكا مع الله تعالى في ألوهيته وعبادته، وأنما أفرد الله بالألوهية والعبادة، فلا إله غيره، ولا رب سواه، ولا معبود بحق إلا هو، فإن جعلت أيها الإنسان مع الله إلها آخر، كنت ملوما على الشرك، مذموما من الله وكل عاقل، مخذولا لا ينصرك ربك الذي خلقك، والذم من الله ومن ذوي العقول في أن يجعل الإنسان عودا أو حجرا أفضل من نفسه، ويخصّه بالتكريم، وينسب إليه الألوهية، ويشركه مع الله الذي خلقه ورزقه وأنعم عليه.
ولذا أمر الله تعالى، أي ألزم أو أوجب عليكم أيها البشر عبادة الله، والاقتصار على عبادته، دون إشراك غيره فيها، وأمركم أيضا ببر الوالدين والإحسان إليهما إحسانا تاما في المعاملة.
وإذا بلغ الوالدان أو أحدهما سن الكبر، أو صارا في حال ضعف وعجز، فعلى الولد واجبات خمسة، وهي:
أولا- ألا تقول لهما أفّ: وهي كلمة تضجر وتبرم، فلا تسمعهما أدنى مراتب القول السيئ، بتوجيه كلمة إيذاء مكونة من حرفين، تدل على التضجر والمضايقة فتلك الكلمة الصغيرة ذات إساءة بالغة، حتى ولو صدر منهما ما يضايق.
ثانيا- لا تنهرهما بفعل قبيح، والنّهر: الزجر والغلطة، والانتهار: إظهار الغضب في الصوت واللفظ، أما التأفف فهو الكلام الرديء الخفي، ويراد به المنع من إظهار الضجر، وأما الانتهار فيراد به المنع من إظهار المخالفة في القول، بالردّ أو التكذيب.
ثالثا- وقل لهما قولا كريما، والقول الكريم: الجامع للمحاسن، من اللّين وجودة المعنى، والتوقير والتعظيم والحياء، ويلاحظ أن الله تعالى قدم النهي عن المؤذي، ثم أمر بالقول الحسن والكلام الطيب.
رابعا- وتواضع لهما بفعلك، وألن الجانب لهما، وقف معهما موقف الخاشع المتذلل، كحال الطائر إذا ضم إليه فرخه، فيخفض له جناحه، وينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في حال ذلّة، في أقواله وسكناته ونظره، من غير حملة أو نظرة غاضب، رحمة بهما وشفقة عليهما، تنبع تلك الرحمة من النفس، لا من أجل امتثال الأمر، وخوف العار والنقد فقط.
خامسا واطلب لهما الرحمة من الله في حال الكبر بعد الوفاة. وهذا الأدب الخامس دليل على أن بر الوالدين لا يكون بالأقوال فقط، بل بالأفعال أيضا، وهو الدعاء لهما بالرحمة الجامعة لكل الخيرات في الدين والدنيا، وليقل الولد في دعائه: { رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً} أي أفض عليهما فيض الرحمات، كالرحمة التي شملتني بتربيتهما لي في حال الصغر. وهذا التذكير بتربية الصغر مما يزيد الإنسان إشفاقا وحنانا عليهما.
ثم حذر الله تعالى من التهاون في بر الوالدين، فقال: { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ} أي إن المطلوب من الولد هو البر ظاهرا وباطنا، حقيقة وفعلا، لا رياء ومجاملة ظاهرية، والعبرة بما في القلب من الإخلاص في الطاعة، لأن الله مطلع على ما في النفوس، وهو سبحانه أعلم بأحوال الولد في البر، والوعد للأولاد بغفران الذنوب في حال البر: مشروط بشرط الصلاح والرجوع (أو الأوبة) إلى طاعة الله، فإنه سبحانه كثير المغفرة للتائبين الراجعين إلى الخير، العادلين عن المعصية إلى الطاعة، وإلى ما يحبه الله ويرضاه، والمقصود من الآية: التحذير من ترك الإخلاص.
منهاج الإنفاق على القرابة والمحتاجين والأسرة:
الإسلام دين التوسط والرحمة والاعتدال في النفقة على النفس والقريب والأهل والمحتاجين، فلا يصح البخل والتقتير، ولا الإسراف والتبذير، وليعتمد الإنسان على رزق الله الذي لا ينقطع ولا ينفد، وليتكل على الله الذي لا يضيع أحدا من خلقه وعباده، إذا أحسنوا العمل وقاموا بالكسب والسعي، ولم يعطلوا مواهبهم في الإنتاج والبحث واكتشاف خزائن الأرض، والإفادة من خيرات السماء، قال الله عز وجل مبينا دستور الإنفاق على القرابة والمحتاجين والأهل جميعا:


{وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (28) وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (30)} [الإسراء: 17/ 26- 30].
نزلت الآيات في كل من كان يسأل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من المساكين، وتأمره بالإنفاق من غير تقتير ولا بسط يد، فموضوعها الإحسان إلى ذوي القرابة والمساكين وأبناء السبيل، والاعتدال في الإنفاق من غير إقلال ولا إسراف.
ومطلع الآية الأولى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ} وصية للناس كلهم بصلة قرابتهم، خوطب بذلك النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، والمراد الأمة. وإيتاء حق القرابة: ما يتعين له من صلة الرحم، وسدّ الخلّة، والمواساة عند الحاجة بالمال، والمعونة بكل وجه. وعطف على القرابة: المسكين ومثله الفقير، وهما لا يجدان الكفاية، وابن السبيل وهو هنا يعم الغني والفقير، إذ لكل واحد منهما حق، وإن اختلفا في مدى العطاء، وابن السبيل في آية الصدقة أو الزكاة: أخص.
وتنهى الآية عن التبذير: وهو إنفاق المال في وجوه الفساد، أو الإسراف في المباحات، فالإسراف مذموم، والمطلوب: التوسط والاعتدال في الإنفاق، وهي سياسة الإسلام المالية والاجتماعية والدينية، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (67)} [الفرقان: 25/ 67].
ثم نبّه الله تعالى على قبح التبذير، جاعلا المبذرين المنفقين أموالهم في المعاصي يشبهون الشياطين، فهم قرناء المبذرين في الدنيا والآخرة، في الصفة والفعل، وكان الشيطان لنعمة ربه جحودا لأنه أنكر نعمة الله عليه، ولم يعمل بطاعته، بل أقبل على معصيته ومخالفته، والتبذير كما ذكرت: النفقة في معصية، لا في مباح، قال مجاهد: لو أنفق الإنسان ماله كله في حق لم يكن تبذيرا، ولو أنفق مدا في باطل كان تبذيرا.
ثم أمر الله تعالى نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم في هذه الآية، إذا سأله أحد من المساكين وبني السبيل، فلم يجد عنده ما يعطيه، واستحى من التصريح بالرد بسبب الفقر والقلة، وأعرض عنه تأدبا منه، في أن يرده تصريحا، وانتظارا لرزق من الله تعالى يأتي، فيعطي منه، ويعده وعدا حسنا، ويؤنسه بالقول الميسور: وهو عقد الرجاء على فضل الله، والتأنيس بالميعاد الحسن، والدعاء بتوسعة الله تعالى وعطائه.
روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول كما ذكر القرطبي 10/ 249 بعد نزول هذه الآية- إذا لم يكن عنده ما يعطي-: «يرزقنا الله وإياكم من فضله».
فالمراد من الرحمة في آية {ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ}: الرزق الحسن.
وسياسة الإنفاق من الأموال: هي القصد والاعتدال، فلا تجعل أيها النبي، وكل إنسان، يدك مغلولة إلى عنقك، أي تمسكها عن الإنفاق، وتبخل على نفسك وأهلك في وجوه صلة الرحم وسبيل الخيرات، ولا تسرف ولا تتوسع في الإنفاق توسعا مفرطا، فتعطي فوق طاقتك، فتقع في الملامة والحسرة والندم، حين لا تجد في يدك شيئا.
ثم أبان الله تعالى منهاج المدد الإلهي ورزق العباد، مخاطبا رسوله: كن أنت يا محمد على ما رسم لك من الاقتصاد والاعتدال، ولا يهمنك فقر من تراه فقيرا، فإنه بمرأى من الله وبمسمع وبمشيئة، فإنه تعالى يبسط الرزق لمن يشاء، ويضيّقه (يقدر) على من يشاء، ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء، لما له من الحكمة في ذلك، يعلم مصلحة قوم في الفقر، ويعلم مصلحة آخرين في الغنى.
يوضح ذلك ما جاء في الحديث الذي ذكره السيوطي في الجامع الكبير: «إن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته، لأفسدت عليه دينه».
فقد يكون الغنى استدراجا إلى النار، والفقر عقوبة، وقد يكون المؤمن الصالح فقيرا، فليس تضييق الرزق على بعض الناس لسوء حالهم عند الله تعالى، ولا الإمداد والتوسعة على آخرين لحسن حالهم.
تحريم القتل والزنى وأكل مال اليتيم:
لقد صان القرآن الكريم حق الحياة العزيزة الكريمة، من أجل بقاء النوع الإنساني الطاهر النظيف، وجعل الاعتداء على الأولاد والأنفس جريمة، ووأد البنات عارا ورذيلة، ووصف العلاقات غير المشروعة بأنها فاحشة وسبيل سيئ، وطريق محفوف بالمخاطر والعواقب الوخيمة، وجعل أكل أموال اليتامى ظلما وعدوانا، والوفاء بالعهد أو العقد فضيلة ومحل مسئولية ومطالبة، قال الله تعالى مبينا هذه القواعد:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8